Pages

الأحد، 18 نوفمبر 2012

ارخص دم !


هذا نتاج الاستسلام 
هذا نتاج الضعف
هذا نتاج قبول مسرحية الانتخابات
هذا نتاج التحالف مع الاخوان

تعاونوا مع نظام مبارك , لم يطهروا المؤسسات ولم يدمروا الدولة العميقة لكن تعاونوا معها و دعموها من جديد ومازال رجالها يعملون فى الخفاء تحت حماية النظام , الرئيس الثورى المدنى  وجيشة من "المبرراتية" التابعين لجماعة الاخوان المسلمين ومحبينهم والمتعاطفين معهم ..  خرج علينا "مرسى" لينعى ضحايا الكارثة , وبعدها قام المبرراتية بدورهم السليم بتحية الرئيس وشكره على تحركة السريع !!
وكعادة "د/عصام العريان" , يحاول تبرير اهمية عودة البرلمان المنحل !! فى تصريحة :
(( فى عصر الديكتاتورية ﻻ يوجد وزير يستقيل.فى زمن الديموقراطية المسؤلية تجبر الوزراء على اﻻستقالة.أو يسحب البرلمان الثقة منهم.أين البرلمان؟!!! )) O.o
اكتشفنا بعدها ان مرسى خرج ليلقى علينا نموذج بيان النعى الذى يلقى فى اى حالة سواء كانت وفاة طبيعية لشخصية عامة او لحاكم دولة اخرى .. لم يصاب بالغضب ليخرج علينا ببيان منفرد ليداوى جرح كبير اصاب الوطن , اى ضمير يتمتع به هذا الرئيس ؟!!

وزير النقل الذى حارب اعتصام عمال المترو المعتصمين ضد الاهمال فى صيانة المترو والسكك الذى سيؤدى بالتالى لكارثة يروح فيها ضحايا بالمئات , وزير النقل تحالف مع وزير الداخلية لضبط اى عنصر يدعوا للاضراب او الاحتجاج وتم تحويل 10 من الداعين للاضراب الى النيابة العامة !! 

محافظ اسيوط دون حتى ان يوعد بالتحقيق فى الحادثة خرج ليتلوا قائمة التعويضات " 5 الاف جنية للميت " ! , وكأن ماحدث عادى جداً , خرج بكل هدوء ليلقى علينا هو الاخر بيان معتاد فى مثل تلك الحالات , ولا عجب اذا كان رئيسة فعل هذا هل يفعل هو عكسة ؟! 
اذا قمنا مثلا بالبحث عن التعويضات فى اى دولة اخرى نرى ان فى اوروبا التعويض يصل لـ (مليون ونصف المليون يورو) , وفى المملكة السعودية - ارض الحجاز - يصل التعويض الى  ( 200 الف ريال سعودى ) , فـ أى تعويض هذا ! روح انسان ارخص من ثمن رأس من الماشية !!

اكثر من 50 طفل راحوا ضحية اهمال نظام عجوز متهالك لا يقوى الا على السرقة , زهور لم تتفتح بعد , وجوه بريئة لم تعرف للخداع معنى , 70 طفل تكدسوا فى اتوبيس واحد يقلهم الى مدرستهم ليتلقوا تعليم عقيم يخرجهم من جامعات ومعاهد معدومى العلم والخبرة .. ذهبوا الا جنة ربهم لينعموا بنعيم دائم وتركونا نعانى ويلات عذاب فساد راسخ منذ سنوات طويلة .

استيقظ العالم ليفاجئ بتلك الكارثة , توقعنا اعلان حالة الحداد ولكن لم تحرك الحكومة ساكناً لم يتوجه اى مسئول الى مكان الحادث الذى وقع فى السابعة صباحاً  الا بعد الساعة الـ 9 , لا توجد سيارات اسعاف , مات العديد من الاطفال فى مكان الحادث لانهم لم يجدوا اسعاف لينقذهم , وصل الاسعاف متأخراً كعادتة بعد ان مات اكبر عدد من الاطفال ولم يتبقى الا القليل منهم يعانى بتر عضو من اعضائة او نزيف داخلى , ومن تم نقلة الى المستشفى كاد ان يموت لان المصل القادر على انقاذهم غير موجود فى السوق من مده طويلة "بيكربونات الصوديوم" , بعد سؤال دكتور اجاب ان المكنة التى تصنع هذا المصل متوقفة عن العمل فى المصنع بسبب عطل منذ اكثر من عام ولم يتم تصليحها او تغييرها !!

الاخوة ماتوا سوياً , عائلة فقدت 5 من ابنائها , واخرى فقد 6 واخرى فقد 3 ..  لم يتبقى من ابنائهم الا اشلاء وذكرى ..
الأم تعرفت على ذراع ابنها فهو الشئ الوحيد السليم منه , واخرى ادركت انه ابنها من ملابسة فوجهة غير موجود .... الخ
هذه هى نهضة سيادة الرئيس , ان يقتلنا ليبدء بشعب جديد !!


شعبنا العزيز قام بالدور كما يليق به ان يكون , من رثاء وحزن ودعاء على الظالم - كالعادة - , كنت اتمنى ان يكمل الدور كما يليق ويطالب بـ اقالة الحكومة والبحث عن المتسبب الحقيقى لهذا الاهمال لان هذه هى الحادثة الثانية التى تحدث فى السكك الحديدية فى اقل من اسبوع بسبب الاهمال من ارتطام قطارات الى اهمال المزلقانات , لكن للاسف ادركهم موعد مباراة كرة القدم فـ اصطفوا على الكراسى المرصوصة فى المقاهى وفى بيوتهم امام التلفاز و هللوا وكركعوا وشجعوا فريقهم الذى فاز , فاحترموا حرمة الموت وخرجوا للشوارع يهللوا بفوز الفريق وكأن ماحدث لم يحدث وماكان لم يكن .

أعادوا الى الاذهان اجواء الامم الافريقية عام 2006 , اكثر من 1200 روح صارعت الموت فى عرض البحر منهم من التهمتة الاسماك ومنهم من فُقِد ولم يعثر على جُثمانة , شعبنا العزيز قام بالدور كما يليق به ان يكون من رثاء وحزن ودعاء على الظالم -كالعادة- , كنت اتمنى ان يكمل الدور كما يليق ويطالب بـ اقالة الحكومة والبحث عن المتسبب الحقيقى لهذا الاهمال , لكن للاسف ادركهم موعد مباراة كرة القدم فـ اصطفوا على الكراسى المرصوصة فى المقاهى وفى بيوتهم اما التلفاز و هللوا وكركعوا  وشجعوا فريقهم الذى فاز , فاحترموا حرمة الموت وخرجوا للشوارع يهللوا بفوز الفريق وكأن ماحدث لم يحدث وماكان لم يكن .

وشهادة لله سبحانة وتعالى هذا الحال دائماً مع كل القضايا داخلية وخارجية , فـ خارجياً كان نفس الدور مع قصف الصهاينة لغزة البكاء نهاراً ومتابعة المسلسلات والافلام والبرامج المفضلة ليلاً , والانزعاج من محاولات منع الدورى لاجل ارواح 74 شهيد ... الخ

كارثة واحده تكفى لنعرف كم قطاع ومؤسسة يعانوا من كوارث حقيقية , النقل والاسعاف والمستشفيات والطرق ومصانع الادوية والصيدليات , الاهمال يحكم كل شئ .

وصعيد مصر الذى اُكتشف اخيراً انه خارج حسابات النظام و الوزارة .. قوافل واطنان من الادوية والمساعدات ترسل الى غزة ولم يفكر اى مسئول ان يلتفت الى الصعيد والمناطق الفقيرة والعشوائيات فى كل مكان فى مصر , كارثة واحدة تكفى .. 

كل هذا لا يهم , الاهم هو ان نغلق المحلات فى الـ 10 مساءاً بحجة " ضبط سلوكيات المواطن " وكأننا فى سن الخامسة وهم اولياء امورنا !! . ونجبر طفلة على ارتداء الحجاب بقص شعرها وتزويجها فى التاسعة من عمرها , ونعمم العلاج ببول الابل ونتشاجر على الشريعة فى الدستور , ونرصف الطرق للرئيس كل جمعة ليصلى فى محافظة مختلفة , ونقترض من البنك الدولى  .. ونرفع الدعم عن الفقراء !!

بحق السماااااء , كيف تدار هذه البلاد ؟!


هناك تعليق واحد:

  1. انا عديت على الموضوع بسرعة .. فعلا اسلوبك مميز جدا ونواة لكاتب رائع .. بس انا عجبنى المقال بتاع غزة اكتر لانه فيه اوصاف واسلوب فنى اقوى ومؤثر اكتر .. المقال ده ممكن نقول تحليل كويس لكل الجوانب المرتبطة بحادثة اسيوط وانتقادها ..

    ردحذف