اتذكر ذلك اليوم الذى قررت فيه ان خرج من منزلى الذى لم اغادره منذ اسابيع قليلة وان اواجة الواقع من حولى وان اكتشف مايدور وأكسر ذلك الشعور بالقهر , أردت ان اشاهد اصدقاء قدامى و ان أجلس على المقهى المفضل لى وأبحث عن الامل فى وجوة المارة , أردت ان اسير فى شوارع المحروسة , لقد تغيرت كثيرا خلال عام , عام واحد فقط لا أكثر بدل الحياة فيها تماماً , ذلك الشارع الذى كنت اقطعة جيئة وذهاباً وكانت تدب فيه الحياة وجدتة مظلم وكئيب واستنشقت فية رائحة غريبة و رأيت بعينى يقطعة جدار عازل !!
نعم يشبة ذلك الذى رأيته على حدود احدى الدول فى قناة اخبارية !! وعندما دُرت لأرى الجهة الاخرى للجدار وجدت قوات مسلحة ومدرعات !! تذكرت حينها مشهد لفيلم مصرى قديم يحكى عن الاحتلال فى مصر وكيف كان جيش الاحتلال يشيد نقاط ارتكاز و جدارات مشابهة لتلك فى انحاء الجمهورية , لا اعرف لماذا قارنت الصورتين فى رأسى ولم أجد اى اختلاف !!
تبدلت الاحاسيس كثيراً فأنا الان ارى الهلع فى أعين الناس عند صدور صوت فرقعة من سيارة او عجلة بخارية فيسرعوا فى خطواتهم كالهاربين من الطوفان يريدون الوصول لبر الامن !!
ذهبت بى قدماى الى الميدان الذى كان يدب بالحياة والامل و أناس يبحثون عن حريتهم , المكان الذى أشهد العالم واحدة من اقوى الثورات الشعبية فى التاريخ الحديث , لكن ما به الان مهمل و مظلم ولم اشعر بتلك الراحة المعتاده فيه , ومن هؤلاء يفترشون ويجلسون وكأن المكان تحول الى مقهى و القمامة منتشره فى كل ارجائه !!
من يريد ان يحول حلم الناس الى كابوس , ويحول حياتهم الى خوف وفزع دائماً !!
هل أذنى تخدعنى ام بالفعل من كان يقف بجانبى منذ لحظة سب الثورة ولعنها !! هل سمحت له أخلاقة ان يسب ماصنعة الشهداء ؟! , شعرت بدمعة حارة تنساب على جبينى مليئة بالألم والاسى ..
اين اصرارنا الذى بهر العالم !!
لأن الكل أراد مصلحتة الشخصية من الثورة تفتت وتحولت فى اذهاننا الى لاشئ لانها لما تعطنا مانريدة , من أراد من الثورة مصلحتة الشخصية هو من يأس سريعاً ..
لكن ما أشعل الامل فى صدرى والابتسامة على شفتاى هؤلاء الشباب هناك صامدون و على استعداد ان يُقتلوا من أجل أهدافهم , ولما سئلت عنها اجابنى احدهم :"حق الشهدا" , نعم هؤلاء مازال الامل و الاصرار يملأ كل جوارحهم لانهم لم يطلبوا من الثورة مطالب شخصية وكان هدفهم الوحيد هو "المصلحة العامة" , لقد وجدت ضالتى فأنا منهم ومعهم شعرت بالقوة فذهبت معهم , لكن !
ظهرت قوات الظلم و القهر امامنا فلم نشعر بالخوف بل كنا ثابتين على موقفنا ومُصرين على مطالبنا , وأطلقت الاعيرة النارية ووجدت نفسى ادافع مع الاخرين و احمل معهم المصابين منا و نجرى هنا وهناك ونردد الهتافات المشجعة وسقط شهيد فلم يزدنا هذا الا غضب واصرار على موقفنا وسقط شهيد اخر و اخر , ورأيت صديقى يحملة الاخرون ويهرولوا به الى سيارة الاسعاف فذهبت اليه مسرعاً فلم أرى فى عيناه الخوف على الاطلاق !
كيف سمحت لكم ضمائركم ان تدنسوا كل تلك المشاعر النبيلة والاحلام البيضاء بـالحديث عن مؤامرة خارجية و طرف ثالث و لهو خفى و مستر X ؟! قمة العبث !! هل امنحك ملايين الجنيهات لتقفز من أعلى جبل او فى فوهة بركان ؟!
تذكرت قبل قيام الثورة فى المظاهرات و الوقفات التى كانت تنظم للتنديد بجرائم النظام , وعند هتاف "يسقط حسنى مبارك" كنت أرى نفس النظرة التى اراها فى عيون الناس الان عند هتاف "يسقط حكم العسكر" , البعض نظرتة كانت مليئة بالخوف والدهشة من تلك الجرئه والبعض ينظر باستهتار واحتقار !! ولم نيأس او نفقد الامل
وقبل الثورة ايضاً وفى الفاعليات الخاصة بالتوعية بفساد النظام كان يردد البعض عبارات مثل "نشيل حسنى مبارك !! انتوا بتهرجوا ؟!" و "الراجل ده حارب وحمى مصر انتوا عاوزين تخربوا البلد" وعبارات مشابهة لها وهى نفس العبارات التى تردد الان بنفس السلبية فقط قم بتبديل اسم "حسنى مبارك " بـ "المجلس العسكرى" او "المشير" ... الخ وستجدها متطابقة تماماً !! وأيضاً لم نيأس او نفقد الامل ..
كل مانحتاجه هو ان نتوقف عن الالقاء بالاتهامات على بعضنا البعض و ان نتوقف عن التفكير فى الذات و ينصب كل تفكيرنا لاجل مصر فقط دون أى مصلحة شخصية !!
ونتوقف عن تقسيم انفسنا : كنباوى و اسلامى ومن يقف هناك ليبرالى ومن يقف على مقربة منى اشتراكى ..الخ
وتوقف عن الغرور بأن رأيك دائماً هو الاصح وانك على علم بالمصلحة العامة دون الاخرين ولا تقلل من شأنهم , فتلك المشاعر السلبية تولد حماقة بداخلك وحينها لن تسمع الا صوت نفسك فقط كفانا نرجسية !
وأنصحك اذا شعرت باليأس حاول ان تكون دائماً مع رفاق النضال والثورة فمعهم يتجدد الامل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق